العقل والمعرفة بوصفهما حياةً وهويّة وسلوكاً

حيدر حب الله([1])

ثمّة وجهة نظر قديمة جديدة تبدو لي تستحقّ التفكير، وهي تنتصر لفكرة أنّ العقل في أدبيّات القرآن والسنّة وموروث الصدر الأوّل عند المسلمين، لا علاقة له بالعقل النظري ولا بالمعرفة بالمعنى الذي نتداوله اليوم، إلا بالتّبع وثانياً وبالعَرَض، بل له صلة – أولاً وبالذات- بالعقل العملي وبمفهوم الوعي والبصيرة المنعكسة في هويّة الإنسان وسلوكه المادّي والمعنوي، فكلمة «العقل» في جذرها اللغوي ترجع لنوع من المنع، ولهذا لما جاء تعبير «اعقلها وتوكّل»، عنى ذلك ربطها بحيث تمتنع عن الحركة المضرّة بالآخرين، ومنهم صاحبها، فيما العقل بمفهومه الذي عرفناه لاحقاً ينتمي أكثر إلى الإرث اليوناني الوافد.

وإذا رصدنا التعبير القرآني المتكرّر النافي للعقل عن الكافرين، فمن الواضح هنا أنّ نفي العقل لا يعني أنّ الكافرين مجانين، بل هم عاقلون تماماً، لكنّ السلوك الذي يسلكونه هو سلوك من لا يملك عقلاً، بمعنى أنّ حركتهم في التعامل مع الأمور النظرية والعمليّة هي حركة الفاقد للعقل الذي يضبط الأمور، قال تعالى: ﴿وَإِذَا نَادَيتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قوْمٌ لَا يعْقِلُونَ﴾([2])، فهؤلاء لفقدانهم التوازن في الوعي يتصرّفون مع الصلاة والعبوديّة لله بمثل هذا النوع من التصرّف، ولو أنّهم عادوا إلى استقامة العقل وأرجعوا لأنفسهم البصيرة والوعي لما صحّ منهم ذلك ولما صدر.

ولعلّ قوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي ينْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فهُمْ لَا يعْقِلُونَ﴾([3])، وكذا قوله سبحانه: ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا توَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يعْقِلُونَ﴾([4])، يقدّم لنا نوعاً من التفسير لمفهوم العقل في التداول القرآني، فهؤلاء نتج عن فقدانهم البصر والسمع والنطق أنّهم لا يعقلون، أو نتج عن فقدانهم العقل أنّهم لا يسمعون ولا يبصرون، وهذه الآية تفتح على احتماليّات متعدّدة في التفسير، من بينها أنّ العقل ليس سوى فتح الإنسان لاُذنيه وسمعه، إنّه ليس طاقة ذهنيّة، بل هو شكل تواصلي مع العالم الخارجي ومع الأفكار والأشخاص والتيارات والناس، فالمنغلق على نفسه لا ينال من الأمور إلا ظواهرها، هو كالحيوان غير العاقل الذي يرى الأشياء لكنّه لا يفقهها، بل يجمد عند أشكالها الظاهريّة، والعقل هو نوع من الوعي بالجانب الآخر للأشياء، وعياً يفضي إلى صلاح، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَتوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفلَمْ يَكُونُوا يرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يرْجُونَ نُشُورًا وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيهَا وَسَوْفَ يعْلَمُونَ حِينَ يرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾([5]).

إنّ هذه الآيات تشير إلى أنّ المشركين يرون دائماً في مسير قوافلهم تلك القرية التي نزل عليها مطر العذاب، لكنّهم ما كانوا يرونها، فماذا يقصد القرآن من الرؤية هنا؟ إنّهم يرونها بالفعل ببصرهم، لكنّهم ما كانوا يدركون المغزى المعنوي والباطني لها، والسبب في ذلك أنّهم لم يرتبطوا بالآخرة، فالآخرة تخلق في الإنسان وعياً آخر ورؤية اُخرى، فهو الآن يرى الأشياء بعيون مختلفة ويملك عقلاً بهذا المعنى، بينما الذي لا يرجو الآخرة فسوف ينظر إلى آثار الماضين وهو غير راءٍ لها في حقيقة الأمر؛ لأنّ الرؤية ليست هي الحواس، بل هي عين في القلب تُحدث بصيرةً معنويّة للإنسان، ولهذا أشارت الآية الأخيرة إلى أنّ هؤلاء لا يسمعون ولا يعقلون، بل حالهم يشبه حال الأنعام، فالأنعام أيضاً كانت تمرّ معهم بجانب القرية التي اُمطرت مَطَرَ السوء، ولم يكن لها من هذا المرور سوى مجرّد صور بصريّة تنعكس في شبكيّة عينها لتصل إلى دماغها، لكنّ هذا في حساب القرآن ليس عقلاً ولا سمعاً ولا بصراً؛ لأنّ ثمّة شيء خلف ذلك يمنح الإنسان عقله، وهو البصيرة التي تعبر به من عالم إلى آخر، فالوعي هو وعي الجانب غير المرئي بالحواس من وجودنا، وليس وعي الجانب المرئي مهما فهمناه علميّاً وبالدقّة، لهذا كانت القلوب بمفهومها الديني عابرةً للعوالم، فكأنّ هذه الدنيا هي الجزء الصغير الظاهر فوق سطح الماء من جبل جليدٍ عملاق، وكلّ وعي أو فهم للجزء الطافي على سطح الماء هو وعي منقوص قرآنيّاً، بل يلزمه أن يعيد تشكيل الصورة بوعي الآخرة التي تمثل الجانب الآخر من الصورة، ووعي الآخرة هو المشكّل الحقيقي لهويّة الإنسان بالمعنى الوجودي الحديث للكلمة؛ لأنّه يعيد تشكيل عالم الإنسان المحيط به بطريقة مختلفة بما ينتج عنه سلوك مختلف، وربما لهذا قال تعالى: ﴿يعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾([6]).

وهذا كلّه ما تؤكّده الآيات الأخرى في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّينَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تعْقِلُونَ﴾([7])، فأنتم تمرّون عليهم لكنّكم لا تعقلون تماماً كالأنعام التي تقلّكم وتحملكم؛ لأنّ العقل وعيٌ باطني وجودي بفلسفة الإنسان في الحياة وصلته بالله سبحانه.

وربما من هنا ارتبط القلبُ في النصّ القرآني بفعل العقل، بما يبدو لنا اليوم غريباً، فالقلب في أدبيّاتنا مرتبط بفعل العاطفة والإحساس، بينما في النصّ القرآني مرتبط أيضاً بفعل العقل والبصيرة من نوعهما القرآني الخاصّ، قال تعالى: ﴿أَفلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فتَكُونَ لَهُمْ قلُوبٌ يعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾([8])، فالقلب هو الذي يملك الرؤية، والله لا يريد رؤية ذهنيّة خالصة، إذ الرؤية الذهنيّة الخالصة موجودة عند مشركي العرب في أنّ الله هو مدبّر هذا العالم وخالقه، لكنّ هذا الوعي الذهني ذهب خلف عتمة القلوب، ولم يحضر إلى القلب بوصفه الفاعلية الوجدانيّة اللبيّة في الإنسان.

من هنا، نلاحظ أنّ القرآن يستخدم تعبير الآيات في ارتباطها بالظواهر، لكي يقوم الإنسان بعمليّة فهم الآية أو جعلها دالّة بحكم كلمة (آية)، رابطاً ذلك بمفاهيم من نوع العقل والفكر والذكر وغير ذلك، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثنَيْنِ يغْشِي اللَّيْلَ النهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يتفَكَّرُونَ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنوَانٌ وَغَيْرُ صِنوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنفَضِّلُ بعْضَهَا عَلَى بعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يعْقِلُونَ﴾([9])، فالعقل والفكر هو الذي يعبر بالإنسان من الظاهر إلى الباطن، وهو الذي يُرشد إلى الله سبحانه. وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ينْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يتفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يعْقِلُونَ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ﴾([10]).

سأذهب أكثر في مقاربة الآيات القرآنية، لننظر في آية تبدو لي مهمّة جداً هنا، وهي قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتهُمْ مَنْ نزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بعْدِ مَوْتِهَا لَيقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثرُهُمْ لَا يعْقِلُونَ﴾([11])، فالآية تؤكّد أنّ هؤلاء القوم يعرفون أنّ الله هو المدبّر والرازق كما يعرفون أنّه الخالق، ومع ذلك وصفت سلوكهم بأنّه غير عقلاني، لماذا؟ لأنّهم مع معرفتهم الذهنيّة لكنّهم لم يسلكوا على وفق هذه المعرفة؛ فهم يدركون أنّ كلّ شيء بيد الله، لكنّهم مع ذلك يذهبون للأصنام -وما سوى الله- لترزقهم وتشفع لهم وتحميهم ويخشون غضبها، فيدعونها ويقدّمون لها القرابين، فهم متناقضون في السلوك، فالمعرفة صحيحة بوصفها سمة ذهنيّة، لكنّ السلوك غير صحيح؛ لهذا فهم لا يعقلون؛ لأنّ العاقل في القرآن الكريم هو الذي يملك البصيرة العابرة من جهة والسلوك المنسجم مع هذه البصيرة من جهة ثانية.

ويؤكّد لنا النصّ القرآني طبيعة استخدامه لمفردة العقل، وهو يتحدّث عن حادثة الحجرات، قال تعالى: ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا ترْفعُوا أَصْوَاتَكُمْ فوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بعْضِكُمْ لِبعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قلُوبَهُمْ لِلتقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ ينَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثرُهُمْ لَا يعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾([12])، فما ربط سلوكهم هذا بالعقل بمفهوم العقل النظري؟! إنّ القرآن يعتبر السلوك معياراً لتوصيف العقل؛ لأنّ العقل هو الناظم الصائب للسلوك، وليس فقط هو المكتشف للحقيقة النظريّة، فدور العقل في عالم العمل هو هويّة مقوّمة له قرآنياً.

دعونا نذهب في المراجعة القرآنيّة نحو سورة الحشر لتؤكّد لنا المفهوم عينه، حيث قال تعالى: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا ينْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا ينْصَرُونَ لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قوْمٌ لَا يفْقَهُونَ لَا يقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بينهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبهُمْ جَمِيعًا وَقلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قوْمٌ لَا يعْقِلُونَ﴾([13])، فالآيات تتكلّم عن جماعة من المنافقين الذين تحالفوا مع بعض أهل الكتاب لينصروهم، لكنّ القرآن يقول بأنّهم لا يملكون الفقه، وهو التأمّل والفهم، ليس لأنّهم لا يملكون معرفةً بالعلوم النظريّة، بل لأنّ وقع المسلمين في قلوبهم أكبر من وقع الله سبحانه، فرغم أنّهم يعرفون معرفة البداهة أن الله أعظم بكثير من الناس، غير أنّ هذه المعرفة النظريّة اعتبرها القرآن بمثابة عدم الفهم؛ لأنّها لم تتحوّل إلى حالة سلوك تجعلهم يهابون الله أكثر مما يهابون البشر، فعندما تهاب البشر أكثر من الله فأنت لم تفقه الحقيقة، حتى لو كنت تعرفها بالذهن؛ لأنّ فقه الحقيقة قرآنيّاً فقه تجلٍّ لها في اُفق الوجود الكامل للإنسان، ولهذا كان الفهم مراتب ودرجات، وكان الإيمان مراتب ودرجات، لا بمعنى الزيادة في المعلومات أو في متعلَّقات الإيمان، بل بمعنى عمق الإيمان والفهم بمستوى الهيمنة على وجود الإنسان كلّه، فالفهم في القرآن له معنى سلوكي باطني وظاهري، وليس فقط نوعاً من المعرفة النظريّة، بل الآية اللاحقة تشرح لنا أكثر هنا عندما تحدّثنا عن نفي كونهم عاقلين بسبب تشتّتهم واضطرابهم وخوفهم، فغير العاقل ليس سوى ذاك الإنسان الذي لا يعرف إدارة الأمور عن بصيرة ووعي.

وهكذا نجد القرآن الكريم يذمّ بعضَ أهل الكتاب في تناقضهم السلوكي، فيقول: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتنْسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تتلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تعْقِلُونَ﴾([14]). إن هذا التناقض في السلوك هو عدم عقل، لأنّ العقل هو انسجام بين المعرفة والعمل، فإذا فُقِد هذا الانسجام فإنّ المفهوم القرآني لعدم العقل يصبح صادقاً.

والقرآن بهذا كلّه لا يقصد نسبة الجنون لغير المؤمنين -كما قد يُتصوّر- بوصف ذلك فحشاً أو سُبّةً من القول وتسافلاً في اللغة، بل هو يعيد تشكيل مفهوم العقل في ضوء العناصر المحيطة بهذه الكلمة في النصوص القرآنيّة، وفقاً لمثل طريقة المفكّر الياباني توشيهيكو إيزوتسو (1993م). لقد تمّ فهم الدلالة القرآنيّة خطأ هنا، فهو لا يريد أن يسبّهم بوصفهم كالأنعام مثلاً، بل يريد أن يقدّم لهم مفهومه للعقل الذي يقع على مفاصلة حقيقيّة هذه المرّة مع الأنعام، وبهذا يتبلور لدينا مفهومان للعقل ونفي العقل، مفهوم عام متداول يربط ذلك بالأنعام والمجانين مثلاً، ومفهوم قرآني مأخوذ من البُعد العملاني في اللغة في دلالاتها الجذريّة، وهو مُنتَج من موقعيّة كلمة العقل والفكر وغيرها من منظومة الكلمات المحيطة بها في التداول القرآني؛ لأنّ الكلمات القرآنية ليست كحبّات الرمل على شاطئ بحر لا تتصل ببعضها، بل هي كالنجوم التي يُبدي اتصالها أشكالاً متنوّعة في اُفق السماء ليجعلها مجموعات ذات صلة تربطها جاذبيّة خاصة.

بهذا نستنتج صورةً محتملة وهي أنّ العقل والفهم والذكر والفكر والقلب و… هي تعابير تتصل في تداولها القرآني بنوعٍ من الوعي العابر للمعرفة الذهنيّة الدنيويّة المحضة نحو تكوين ارتباط وجودي -بالمعنى الحديث للكلمة- صانع للهويّة يترك تأثيراً على سلوك الإنسان، وهذا هو الفرق بين معرفة الإنسان بأنّ لدى هذه المرأة ولداً، وبين معرفتها هي بأنّ لها ولداً، فإنّ معرفتها هي ليست من نوع المعرفة الذهنيّة؛ لأنّ ظهور الولد في حياتها أعاد ترتيب هويّتها وخلق فيها معنى آخر، فكأنّها وُلدت من جديد. إنّ المعرفة هنا ليست ذهنيّةً، إنّها معرفة هويّة وجوديّة تعيد تكوين العواطف والأحاسيس والسلوكيّات والأولويّات والمشاريع الكبرى والصغرى وغير ذلك، فهذا هو الوعي بمفهومه القرآني، فالذي يعقل أنّ هناك ربّاً مطلقاً قادراً رازقاً، غير الذي يملك معرفة ذهنيّة بذلك، إنّه يولد ولادة جديدة، كما كان يولد الأتباع المخلصون للأنبياء في حياتهم ولادة جديدة ويصبحون شخصاً آخر تماماً؛ لأنّ الإنسان ليس سوى عالمه المحيط به المتصل، كما يقول الوجوديّون، لو جاز لي استخدام أدبيّاتهم هنا، فدخول الله في عالمي معناه -قرآنياً- إعادة تكوين هذا العالم، وهو ما يعني إعادة تكويني لنفسي وهويّتي وذاتي؛ لأنّني لست سوى عالمي المحيط الذي أملك صلةً وجوديّةً به.

من هذا كلّه -وغير ذلك من الشواهد التي لا نريد أن نطيل بها في مفردات استخدمها القرآن، بدلالاتها العمليّة- نفهم أنّ العقل والمعرفة في القرآن الكريم أكثر قرباً لمقام العمل منهما من مقام النظر، فالمعرفة لوحدها بما هي معلومات وصور ذهنيّة ليست ذات قيمة في حدّ ذاتها، بل تغدو ذات قيمة من خلال قدرتها على الرقيّ بالإنسان في روحه ونفسه وسلوكه وفلسفة وجوده وغير ذلك، بالمعنى العام للكلمة، أمّا العلم الترفي أو العشوائي الذي لا يجني منه الإنسان سوى زيادة المعلومات فلا قيمة له، أو هو ذا قيمة ضئيلة جداً.

وقد ورد في وصيّة الإمام عليّ (ع) لولده الحسن (ع): «… وأخلص في المسألة لربّك؛ فإنّ بيده العطاء والحرمان، وأكثر الاستخارة، وتفهّم وصيّتي ولا تذهبنّ عنها صفحاً؛ فإنّ خير القول ما نفع. واعلم أنّه لا خير في علم لا ينفع، ولا يُنتفع بعلم لا يحقّ تعلّمه…»([15]).

وقد روى الإمام مسلم بن الحجّاج في صحيحه، بسنده عن زيد بن الأرقم قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله (ص) يقول، كان يقول: «… اللهم إنّي أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها»([16]).

إنّ هذا الحديث كما يحتمل أن يكون بمعنى العلم النافع الذي لا يوظّفه الإنسان فيما ينتفع به منه في الحياة، يحتمل أكثر أن يكون المراد هو أنّ طبيعة هذا العلم الذي يتعلّمه الإنسان لا تكون نافعةً، إمّا لأنّه ضارّ أو لأنّه لا قيمة مضافة له في عمليّة النفع والريع الراجع على الإنسان منه، بالمفهوم الديني للنفع؛ لأنّ مفهوم الدين للمصلحة والمفسدة والنفع والضرّ لا يتطابق دوماً مع المفاهيم الوضعية البشريّة.

بل لعلّ الإنسان لو تأمّل يجد أنّ ثمّة وجهة نظر دينيّة تعتبر أنّ الجهل يمكن أن يكون حالة نافعة، وربما يكون ذلك أمراً غريباً بالنسبة إلينا بما يبدي الدينَ وكأنّه يدافع عن الجهل والتجهيل! لكنّ القضيّة ليست كذلك، بل إنّ الدين، بحكم كونه مهتمّاً بمختلف جوانب شخصيّة الإنسان وليس فقط بعقله، وبحكم كونه على صلة وثيقة بقضيّة العلاقة بين العبد وربّه، وهي قضيّة ذات ارتباط شديد بمفهوم التوكّل والتسليم والثقة بالله والتعبّد له سبحانه، فمن الممكن في بعض الأحيان أن يكون نمط اختبار الدين للإنسان لتنمية سلوكه التوكّلي والخضوعي والعبودي التسليمي لله سبحانه هو في أن لا يقدّم له كلّ المعلومات ذات الصلة بالشيء الذي يقوم به، لأنّ هذا الأمر يمكن أن يساعد الإنسان على بناء حالة التسليم والتوكّل والتعبّد المحض على بعض الصعد، وربما يكون هذا ما يفسّر في بعض النواحي غموضَ بعض التشريعات الدينيّة دون قيام المشرّع بتقديم تفسيرات عقلانيّة لها، خاصّة في مجال العبادات، فإعلام الإنسان بمصلحته الدنيويّة في الفعل يوجب في بعض الأحيان خلط نيّته بين الحصول على المصلحة وبين الامتثال لله، بينما لو اُخفيت المصلحة أمامه، بل بدا الفعل غير ذي مصلحة للوهلة الأولى، فإنّ إقدامه على الفعل تسليماً لله يجعل سلوكه العلائقي معه سبحانه بدرجة أكثر رفعة وقوّة. إنّه شيء يُشبه التجربة الإبراهيميّة في ذبح الولد، وهذا ما يجعل هذه الفكرة تلتقي مع الوجوديّة الإيمانيّة لأمثال كيركجارد (1855م)، في أنّ الدين قائم على المخاطرة واللايقين، وليس قائماً على العلم واليقين، بل هما بمثابة النقيض المُجْهِز عليه.

لستُ اُريد هنا أن أنتصر لهذه الفكرة (التعبّديّة الأسراريّة) كلّها بمساحة واسعة، فالموضوع فيه كثيرٌ من التفاصيل، التي عالجتُ بعضها في كتابي (شمول الشريعة) وبعضها الآخر في كتابي (فقه المصلحة) الذي سيصدر قريباً إن شاء الله، ولست اُريد أيضاً أن أنتصر لكيركجارد فيما قاله، فقد سبق أن كانت لي تعليقات نقديّة جزئيّة على مقولاته هذه([17])، إنّما أهدف هنا لفتح اُفق في كيفيّة تناول ثنائيّات النفع والضرر والخير والشرّ والمصلحة والمفسدة والحَسَن والقبيح، عبر تحريرها من المقولات النمطيّة التي اعتدنا عليها، خاصّة في الثقافة الوضعيّة الإنسانويّة القائمة.

إنّ في القرآن والسنّة الكثير من النصوص التي تتصل بهذا الموضوع، ففي الوقت الذي نجد فيه قصّة إبراهيم وولده، نجد قصّة موسى والعبد الصالح، وكأنّها تصرّح بأنّ الإنسان يفتقد الصبر على الشيء إذا لم يكن على علم به، كما تجعل المعلّم والمرشد مصرّاً على ترك السؤال من قبل المسترشد، ولعلّها أنماطٌ من التعليم نحتاج لكي نفكّر فيها، قال تعالى: ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتبعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾([18])، فليس الإنسان طاقةً واحدة هي طاقة العقل، بل هو طاقات كثيرة متنوّعة تحتاج أن تتعاضد وتُراعى لتنمو وينمو هو معها، والمهارات قد تكون أهمّ من مجرّد العلم النظري أحياناً بحسب موقعيّتها، ولهذا لا يغدو العلم فوق القيم الأخلاقيّة بالضرورة، بل الإنتاج العلمي يجب أن يخضع للرقابة الأخلاقيّة ومديات الضرر والنفع فيه، وليس سلطةً مقدّسة أعلى من كلّ شيء، وإلا تحوّل العلم إلى وبال على البشر وألحق بهم الهلاك والدمار.

هذا الأمر يصدق على المقلب الآخر أيضاً، فالعلوم الدينيّة نفسها تعاني في جانبٍ منها من مأزق غياب النفعيّة الإيجابيّة فيها، فقد غرّ العلم العديدَ من علماء الدين حتى غاصوا فيه دون أن يكون له ناتج عملاني نافع للبشر، فتضخّمت علومٌ لم يكن لتورّمها أي مخرجات نافعة بحجم الاستهلاك البشري والزمني الذي صُرف عليها، بما جعل العديد من علومنا الدينيّة نوعاً من الترف في بعض الأحيان، ولهذا ابتليت الفلسفة الإسلاميّة -في تقديري المتواضع- بجوانب من العقم العملاني، عندما غاصت في المعرفة ذاتها، وأنّ العلم بنفسه -بما هو انعكاسٌ للعالَم الكبير في العالَم الصغير- هو نوع من التماهي مع الوجود كلّه، بل غدا العلم بما هو هو صوراً ذهنيّةً يفترض معها أنّها توجب السعة الوجودية لصاحبها، بينما في القرآن الكريم يكمن منطق السّعة هذا في التنامي السلوكي والعروجي إلى الله، وعلوّ القيم الأخلاقيّة وصفاء النفوس، وفي الإيمان والعمل الصالح، وليس في كثرة المعلومات حتى لو كانت فلسفيّةً. لقد أضاعت بعضُ المدارس الفلسفيّة الطريق، فلا نجد أصداءً لها في نهضة المسلمين اليوم إلا قليلاً، بينما عملت المدارس الفلسفيّة الغربيّة على صنع واقعٍ جديد، وليس على اكتشاف الواقع فقط، ولو أنّنا جرّدنا الفلسفة الدينيّة المعاصرة من بُعدها العرفاني والروحي لربما لم نجد فيها الكثير مما يمكن أن يشكّل معالم نهضة للحظتنا الحاضرة، الأمر الذي يفرض ضرورة تطويرها، عبر تعديل البوصلة التي تتحرّك على أساسها، لتلامس الفلسفةُ واقعَ الإنسان وتُحدث في الحياة تغييراً نحو الأفضل.

لقد ذهب التفكير الغربي بعيداً في هذا الموضوع، حتى أنّ الفلسفة الذرائعيّة الأداتيّة التي طرحها وليام جيمس (1910م) وجون ديوي (1952م)، ترى أنّ الفكر منذ عصر اليونان قد أضاع وقته بتتبّع حقائق الأشياء فيما الفلسفة الحقيقيّة هي التي تجعل الإنسان يتخذ معرفته وسيلةً لتحقيق غايات يصل إليها عمليّاً، فالمعرفة أداة ووسيلة وليست غاية، إنّما غايتها العمل والتجربة، فالفلسفة الذرائعيّة فلسفةٌ عمليّة تهدف توظيف الدرس الفلسفي والعلمي في الحياة العمليّة وإخراجهما من اُفق التنظير المتعالي، وهي بهذا تجعل كلّ المعلومات والأفكار والنظريات مجرّد خطط عمل للوصول إلى نتائج ملموسة في الحياة، ولهذا السبب لا يهتمّ الذرائعيون البراغماتيّون لمدى كشف المعلومات أو الفكر عن الواقع، بل يهتمّون لقدرة الأفكار على خدمة الإنسان عمليّاً، سواء كانت مصيبة للواقع أم لا.

لست اُريد أن أنحاز لهذا النمط من التفكير الأداتي في مطالعته للعلم، بل اُريد أن أستفيد من ربطه بين المعرفة والنتيجة الميدانيّة في الحياة اليوميّة للإنسان، أو بتعبير آخر: اختبار المعرفة في الواقع.

وعلى هذا المنوال، مثل علم أصول الفقه، الذي استغرق في الكثير من التفاصيل التي لا نجد لها مخرجات متناسبة مع حجم المصروف من الطاقة والجهد، والمؤسف أكثر أنّ هذا النوع من التفنّن الذهني بات يشكّل العلامة الفارقة للقوّة العلمية في المؤسّسة الدينيّة، بدل اختبار المعرفة على أرض الواقع وقدرتها على تقديم نفع للإنسان في لحظته الحاضرة.

لكنّ هذا لم يعدم المشهد الإسلامي والحمد لله، شخصيّات ورموزاً وتيارات حملت وعي العقل والعلم والمعرفة بمفهومها القرآني، واشتغلت على المعرفة النافعة للروح والبدن، وهو ما نأمل أن يتواصل في مسير متعالٍ مطّرد إن شاء الله تعالى.

في هذا السياق كلّه، تبدو أهميّة ما سطرته يراع أخينا الفاضل العزيز الأستاذ محمّد فقيه حفظه الله تعالى، في هذا الكتاب «المعرفة وتضخّم المعلومات: دراسة في الرّؤيتين الإسلاميّة والغربيّة»، فقد حاول أن يعيد قراءة موضوع المعرفة ومفهومها الإسلامي، في مقابل مفهوم المعلومات والبعثرة في الواقع المعاصر، ويدرس تأثير وسائل المعرفة على الفرد في نموّه العقلي والذهني والنفسي والديني والروحي. لقد تناول الباحث بشكل جميل سلسلة من الموضوعات بالغة الأهميّة والغائبة عن كثيرين اليوم، وهو بذلك يضيف -مشكوراً- لبنةً متماسكة لهذه المسيرة الواعية التي تستهدف إعادة تعريف وإنتاج المفاهيم الرئيسة في حياتنا، ومنها مفهوم العلم والمعرفة، كي لا نقع ضحايا الماكينات العملاقة التي تحرّك الأفراد في العالم كما نحرّك نحنُ الدمى. إنّ تشييء الإنسان (التعامل معه بوصفه شيئاً من الأشياء) بلغ مبلغه في هذا العصر، وهو يعرّض الإنسان للتلاشي والضمور والسطحيّة، ويجعله عرضة للعدوان دون أن يشعر هذه المرّة بأنّه معتدى عليه، لأنّه بات مستَلباً تماماً يعاني من اغتراب حقيقي بالمفهوم الهيجلي للكلمة. وإعادة إحياء هذا الإنسان وبثّ الروح الإنسانيّة الحقيقيّة فيه من جديد ضرورةٌ وغاية، قال تعالى: ﴿يَا أَيهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾([19]).

إنّني إذ أشكر الباحث والكاتب العزيز على جهده المبارك هذا، أتمنّى له كلّ التوفيق، وأن ينفع الله الناس به، إنّه وليّ قدير وبالإجابة جدير.

حيدر حبّ الله

13 شهر رمضان 1440هـ

18 أيار 2019م


([1]) نشر هذا المقال، بوصفه تقديماً لكتاب (المعرفة وتضخّم المعلومات، دراسة في الرؤيتين الإسلاميّة والغربيّة)، للكاتب الأستاذ محمّد فقيه، وقد قام بنشره مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت، سلسلة الدراسات الحضاريّة، الطبعة الأولى، عام 2020م.

([2]) سورة المائدة: 58.

([3]) سورة البقرة: 171.

([4]) سورة الأنفال: 20-22.

([5]) سورة الفرقان: 40-44.

([6]) سورة الروم: 7.

([7]) سورة الصافات: 133-138.

([8]) سورة الحج: 46.

([9]) سورة الرعد: 3-4.

([10]) سورة النحل: 10-13.

([11]) سورة العنكبوت: 63.

([12]) سورة الحجرات: 2-5.

([13]) سورة الحشر: 12-14.

([14]) سورة البقرة: 44.

([15]) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح)، 393.

([16]) صحيح مسلم 8: 81-82، وانظر: الطوسي، مصباح المتهجّد: 75.

([17]) انظر: حيدر حبّ الله، كيركجارد ونقد تعقيل الإيمان، تحليل وتأمّل. مجلّة نصوص معاصرة، العدد 52-53: 5-20.

([18]) سورة الكهف: 66-70.

([19]) سورة الأنفال: 24.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*