الإدارة الجيّدة للوقت مفتاح النجاح في الحياة

يعتبر الوقت في حياة الإنسان المورد الذي لا تعويض له، فهو يمثّل العمر والوقت.. هو الأيام والدقائق والثواني في حياة الإنسان، وبالتالي، إذا لم يستغلّ الإنسان وقته بما يفيد وبما ينتج إنتاجاً إيجابياً، سواء على المستوى المادي أو المعنوي، فإنّه يعتبر هدراً لهذا المورد النّادر الغالي جداً والثّمين، والذي لا يمكن تعويضه في حال خسره الإنسان.

لذلك، من المفيد جداً أن يعرف الإنسان كيف يتعاطى مع هذا الوقت. وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى أهميّة الوقت في حياة الإنسان، ولا سيّما في القرآن الكريم، حيث أشار إليه بالعديد من المفردات، عندما أقسم بالعصر. ولعلّ المراد من كلمة “العصر”، الزمن، أو ما يشير إلى توقيت العصر الّذي هو من أصل النهار، أو غيرها من الكلمات: الضحى، اللّيل، والفجر، وغيرها من المواقيت التي أشار الله سبحانه وتعالى إليها في القرآن الكريم، للدلالة على أهمية الوقت في حياة الإنسان.

وبالتالي، إذا أراد الإنسان أن يحترم هذا المورد الذي لا تعويض له، فإنّ عليه أن يستغله بكل إمكانياته، فيقسّم أوقاته ما بين العمل والراحة والرفاهية، وما بين الأوقات التي تعيد إلى الإنسان حيويته ونشاطه وصحته، كلّ هذه التقسيمات مسؤول عنها الإنسان في حياته اليوميّة، فضلاً عن أنه لا يصحّ أن يكون هناك إنسان غير منتج. والإنتاجية هنا ليست محصورة بالجانب المادّي من حياة الإنسان، على أهميّته، ولا سيّما إذا نظرنا إلى تقسيمات أدوار الأفراد داخل الأسرة، فننظر إلى الأب، ونرى أنّ من المفروض عليه أن يكون إنساناً منتجاً كادّا ًعلى عياله، وبالتالي، هذا يستلزم منه بذل الكثير من الوقت لكي يحصّل هذا القوت ويصرفه على عياله. وهذا أحد أهمّ الأدوار المطلوبة من الأب، فضلاً عن الأوقات الأخرى التي يجب أن يقضيها داخل الأسرة مع زوجته وأولاده، وبالتالي، يمكن له أن يكون له أوقات أخرى مع الأصدقاء والأحبّة والمعارف…

هذا إذا نظرنا إلى الأب كنموذج، أمّا إذا نظرنا إلى الأمّ، فأيضاً هنا يمكن أن نعرّج على الأمّ العاملة التي تقضي أوقاتاً معيَّنة من وقتها خارج البيت ضمن دوام العمل، ثم تعود إلى المنزل، وعليها بعض الأعباء المنزليّة والاهتمام بالأولاد… إلى ما هنالك.

هذا هو نفسه تقسيم الوقت بما هو منتج.

إذاً، الإنتاجيّة في حياة الإنسان يمكن أن ننظر إليها من الناحية المعنوية والمادية، إذا نظرنا إلى الوقت الذي يجب أن يُقضَى في الأسرة بين أفرادها، سواء مع بعضهم البعض، أو من حيث دور الوالدين مع الأولاد، لا يجب أن ننظر هنا إلى كمية الوقت الذي يقضيه الآباء والأمّهات مع الأولاد، بقدر ما ننظر إلى نوعيّة الوقت الذي يُقضَى، بحيث يتابعون أحوالهم وأعمالهم وأخبارهم، ولا سيما الأطفال في المدارس، أي أنّه يكون هناك بعض الجلسات وبعض تخصيص الوقت لمعرفة كيف قضى الولد وقته في المدرسة، ما الّذي أزعجه، وما الذي سرّه… كلّ هذه الأمور يعتبر الوقت فيها من الأوقات النوعيّة التي تقضى مع الأولاد.

فترات الطعام هي من الفترات النوعيّة أيضاً التي يجب أن يخصِّصها الآباء باتجاه أولادهم، ولعلّ من أهمّ الفترات التي تجمع أفراد الأسرة بمناسبة عاطفيّة وجدانيّة، هي فترة تناول وجبة الطعام مع بعضهم البعض.

إذا نظرنا إلى الإنسان بشكل عام، يمكننا أن نقول إنَّ هذا المورد النادر والثمين في حياته، يجب أن يُستغلّ استغلالاً كبيراً، وأن يبتعد بشكل عام ومركّز عن المشتّتات، وما أكثرها في حياتنا اليوميّة! ولا سيّما وسائل التواصل وأدواتها، كالهاتف المحمول وغيره، كاللّوحات الذكيّة التي تهدر الكثير من الأوقات.

وهنا ليست دعوةً للإنسان لإهمال هذا الجانب، بل عليه أن ينظّم وقته، وأن يتواصل مع الآخرين، أن يقضي وقته في محركات البحث للاطّلاع على بعض العلوم والمعارف الجديدة، لكن أن لا تكون هي الحاكم أو أن تأخذ القسط الأكبر من وقت الإنسان بعيداً من مسؤوليّاته. وأهمّ ما في الموضوع، كيف يوزع وقته في مسؤوليّاته الأساسية، فيقسم هذه المسؤوليات بين الضروري والعاجل، وبين الضروري وغير العاجل، وبين ما هو غير ضروريّ وغير عاجل، وهذا مقدور عليه أن يؤجَّل إلى أوقاتٍ أخرى.

إذاً، هذا بالشّكل العام، أمّا بالشّكل الخاصّ، فهناك مسؤوليات داخل الأسرة، فعلى الأب والأمّ والأولاد الكبار والصغار أن يقضوا أوقاتهم بما يفيد، لأنَّ هذا المورد، كما ذكرت وأعيد، لا يمكن تعويضه، وإذا خسره الإنسان، فإنه يخسر عمره، للأسف!

فاطمة نصر الله – متخصّصة في مجال الإدارة التربوية

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*